الثلاثاء، 27 مايو 2008

فاصل ونواصل..


نعم انه كابوس دائما ما يطارنى بين الطرقات والممرات وفى اى مكان حيث اذهب

اطفال الشوارع انه جرح ينزف ولا يندمل .. راودنى البكاء ليلة امس حينما كنت عائده الى المنزل انا واختى بعد انتهائنا من قضاء بعض المستلزمات .. واذا بنا نراه قادئما الينا من بعيد ابتسامته على وجهة النحيف المختلط بالاوساخ .. ونحن نقترب اليه ... وبعد ان اتضحت لنا ملامحه ضحكنا وسعدنا لرؤياه انه هو ذلك الطفل الذى كان ضمن عينه من الاطفال التى كنا نحاول ان نحلم معاها وبها ونوفر لهم ولنا حياة خاليه من هذا الكابوس المزعج الذى يقضى على براءه الطفوله ويجعل منها كابوسا يطاردنا كلا على حسب ما يشعر به فهناك من يرى انهم خطر يجب الابتعاد عنه ويخشى ان يقترب منه وهناك من يرى انه خطر يجب ان نقترب منه للنقذ طفوله هؤلاء الابرياء ..ولذا فان كنت متعاونا او رافضا فانه فى النهايه كابوس ..وسأقص عليكم قصه احد افراده
انه طفل اظنه الان فى الثامنه من عمره وقد تعرفنا عليه منذ ان كان فى السادسه وكانت لا تزال عليه براءه الطفوله وما ان تراه حتى تظنه طفلا بريئا .. ولكن حين يبدا ان يتسول ويلح عليك ان تعطيه اى يشىء ترى حين اذن شبحا يطاردك .. وحين اذن وقفنا وتعرفنا اليه وسالناه ما الذى يدفعه الى ذلك

ان طفلنا اليوم طفلا مختلف .. قد تظنه لقيط ولكنك تتفاجىء حين يقول لك ان له ام واب .. قد تظن ان كلا من هما له حياة مستقله وكان ضحيه حياتهما معا هذا الطفل ولكنك تتفاجىء ايضا حين يقول لك ان ابواه يعيشان معا .. اذن فلماذا انت هكذا .. هذا ما يطلبه منا ابى .. وماذا يعمل اباك انه جالس بالمنزل ... الم تفكر ان تذهب الى المدرسه احب ان افعل ذلك ولكن ابويا قالى المدرسه غاليه وانت انزل واشتغل وهات الفلوس واول لما نجمع فلوس المدرسه هنوديك ... قولنا نساعده وندخله المدرسه وروحنا لابوه هندخل ابنك المدرسه وهنذاكر له ووجدنا نفسنا امام رجل جالس امامه الدخان وفى منتهى القسوه " تعليم ايه وهو هيعملى ايه بالشهاده " اذن لم يصبح الامر هكذا
واعتصرت دموعونا بداخلنا ووجدنا انفسنا لا ندرى ماذا نفعل .. وتكلم احد زملائنا بحديث هامس الى زميل اخر ثم وجدانه بعد ذلك يذهب الى الطفل وقالو نشوفك بكره .. وجه بكره وكان معاه صاحبو وعرفنا عليه وشويه شويه عرفنا كل اصحابه .. طبعا اصحابه من الشارع اللى هما بردو اطفال شوارع
ومن حكايه لحكايه اللى بينزل الشارع عشان يشترو تلاجه واللى نفسه فى تلفزيون وكلها فى النهايه ماهى الا اسباب وهميه زرعها ابائهم بداخل عقولهم كبدايه لتفعيلهم حتى اذا ما احترفو التسول وجدو نفسهم ليسو بحاجه الى دافع لوجودهم بالشارع .. وهم فى النهايه بعد ذلك لا يحق لهم العوده الى المنزل وجيوبهم خاويه ...!! اى اب واى ام لست ادرى

لن اتطرق اليوم وانا معكم الى شبح ادمانهم وطبعا ادمان مش عادى لازم بردو يليق بيهم ( اللى بيدمن جاز واللى بيدمن بنزين واللى بيدمن كوله واللى واللى ... ) وكده وقبل ما نوصل لمرحله الادمان انا رجعت معاكم بالذاكره لسنتين مضو وقت ما كنا محمود لسه عليه علامات البراءه ... وطبعا كان صعب علينا نسيبه يكون مصيره الشارع

فكرنا نعمل لهم فصل ونعلمهم ونديهم مصروف فى الاخر يرجعو بيه لاهلهم ... وبدات التجربه ورغم عدم استمرارها فتره طويله من الزمن الا ان لسان حالنا كان لا يقدر على استيعابها فما بال هؤلاء الاطفال والسبب اننا بصدد عمل نموذج يجمع بين صفات متناقضه فلا هو بتلميذ ينتظر المستقبل امامه ولا هو بطفل يسعى على مصدر رزق ليس ليلعب به او له ولكن ليعطى لاسرته التى ليست بحاجه لهذا الرزق والتى يمكنها ان تعمل وتكفل اطفالها ولكنها اليوم بصدد استثمارهم فهم ثروتها !! فجلسنا مع انفسنا مره اخرى ووجدنا ان ما نفعل ليس له جدوى ويجب ان نبحث عن مصدر يعيننا على نوفر لهؤلاء الاطفال حياة تمكنهم من العيش بكرامه ... وكانت فكره زميل لنا مشغل لانتاج السجاد ونعلم به الاطفال الانتاج ونخصص لهم يوم لتعلم القراءه والكتابه ... بدء المشغل ولكن لم تتجاوب معه الاطفال لانهم اعتادو حياة الحريه كما يطلقون عليها وسهوله الحياة فى التجوال بالشارع .. ولكننا لم نكن نبالى لعدم تجاوبهم فا البدايه دائما صعبه ومن بين اجراءات واجراءت لانشاء المشغل وعراقيل لم يكتمل المشروع .. فكان الحل الاخر ان نحضر لكل طفل مجموعه من المناديل الورقيه وان نوضح له اهميه العمل وان ما يقوم به تسول ووووو وهكذا على مدار جلسات متعدده وتركنا لهم فى النهايه حريه الاختيار فمنهم من اختار العمل ومنهم من اختار ان يظل كما هو ... وقد كان محمود ضمن المجموعه التى اختارت العمل وباع باكت المنديل الذى حصل عليه منا واشترى بما حصل عليه باكت اخر وظل هكذا وكان ان اعطيته نقود دون ان تشترى يرفض ويوصر على ان يعطيك بثمنها علبه مناديل ... حتى قابلناه ليله امس وكان الحوار كالتالى

ازيك يا ابله عامله ايه ؟؟ اهلا ازيك يا محمود فين المناديل بتاعتك انا كنت بدور عليك اشترى منك

لاء خلاص المناديل غليت ومبقتش بتكسب وبطلت اجيبها اومال بتجيب ايه دلوقتى .. طلع من معاه ورق اذكار وادعيه وقال تاخدى يا ابله قولت له مش عايزه ...( انا بتعامل معاه معامله البيع والشرا ) قالى بس لازم تاخدى لانى طول اليوم مبعتش حاجه وعايز اروح ولازم يكون معايا فلوس ... قولت له ليه كنت فين وبتعمل ايه ... قالى كنت بلعب وتعبان وعايز اروح!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! قولت ف سرى مكانك الطبيعى حقيقى انك تلعب .. طيب يالا ورينى اللى معاك ماشوف انا محتاجه ايه .. واخترت مجموعه معاه وقولت له حسابهم كام دلوقتى اتحاسبنا وفضل يطلع ادعيه تانيه وقالى طيب شوفى دى ودى والفرح والسعاده على وشه مش قادره اوصفها لدرجه ان بدايه دموعى اتحولت ضحكه وكانت دى حكايه محمود امبارح

ولكن الى متى سيظل محمود بالشارع ؟؟ وما المصير المنتظر له بعد ثلاث او خمس اعوام على الاكثر .. هل سيكون راعى اسره .. هل ستكون هذه الاسره كاسرته ويكون لاولاده نفس مصيره ... ام سنكون امام مجرم يهدد امننا وسلامتنا ... لست ادرى !! ولكن من المؤكد انه نزيف لن يتوقف
فرفقا بهؤلاء الاطفال ولكن بحزر

ليست هناك تعليقات: